الجانب المظلم من المستشفيات

Yaraljefri
Jan 3
2 min read

بعد موقفٍ كان خلفه مواقف أدت إليه، في كل لحظة من لحظاته قد أتت معه رسالة وطوب أبيض يشكلني باستمرار ليبني مايحتاج إليه المريض قدر الإمكان؛ جعلتني أرى الجانب المظلم من المستشفيات التي لا نشعره أو نتعلمه أو نسمع خفاياه.

علمتني أن أقف في الظلام وآخذ بيد المريض إلى النور. النور ليس دائماً أمل إن لم يُثبت علمياً، ولكنه مكان واضح، مُطَمئن، شفاف، به ألوان كثيرة بمختلف درجاتها، وأهمها حواجزها التي تعكس الأمواج الصوتية من الباطن—لا يمتصها حتى جبال الألب من غليظها—وهي أكثر ما رَهُف له الشاحب بأن تنسمع ذبذبته بأذُن مُرهَفة.

لأن جميعنا بشر، جميعنا نشعر.

نسقط وننهض؛ لا أحد يقف طوال الطريق دون أن يسقط عدة مرات، لكن البعض يسقط دون أن ينهض.

لذا، فلنتذكر أننا بعضنا لبعض، اليوم عليك، والتالي عليهم.

بعد موقفٍ كان خلفه مواقف أدت إليه، تعلمت أن أسوأ عذاب للمريض هو إجراء نصف الفحوصات.

تعلمت أن أتحمل مسؤولية النتائج التي أطلبها كطبيبة وتكملتها إلى النهاية في مجالي حسب توفر الموارد لمدى أهميتها للمريض. بالإضافة، لن أفتح كتاب لتعبئة الصفحة الأولى بلغة اصطلاحية وترك باقي الصفحات باتساع تشعب المعاني من مفردات متفرقة لتدور في الخيال بين ألغاز لاتنتهي دون أن أغلقه (إلا بأسباب خارجة عن إرادتي مع تعويضها بمهارة التواصل)، أو لا أبدأها من الأساس إن لم أكن قادرة على توضيح الصورة مع فريق طبي لأن نصف الإجابة عذاب، وعدمها راحة بال، وإكمالها عافية حسب المقدرة.

الضوء يسمح لنا بالرؤية والمعرفة والفهم، وطالما أننا نعيش الحاضر، فلكل إنسان بالغ عاقل الحق بأن يدرك ما يدور عن نفسه كي لا يسابقه للمستقبل- كي يطوي الصفحة لتصبح مجرد ذكرى.

ليس بمثابة طبيبة فقط، بل إنسانة قبل كل شيء، والفارق بيني وبين مرضاي سيكون علمي وصلاحياتي وقسمي لتأدية مهنتي.

أما أنا، فأنا مجرد إنسان يساعد إنسان آخر كما ذلك الإنسان يساعد أناس آخرين ولكن بطرقنا المختلفة.

وأخيراً، الأعمار بيد الله، وأقدارنا مكتوبة لنا. نحن نعيش في رحلة استكشافية وراء ما أخبأه الله لنا وكأنه كنز مُفعم بالمعرفة حتى ننضج ونتغير للأفضل من البارحة، ثم أن هنالك دائماً نهاية إما سعيدة أو مفيدة بعد كل موقف يحدث لنا لأن الله رحيم ويحب عباده، فا لنذكر أنفسنا بأن نبقى إيجابيين ولعلها خيراً.